تكنولوجيا السيارات

تكنولوجيا المستقبل السيارات الكهربائية

التوسع فى تصنيع واستخدام السيارات الكهربائية صديقة البيئة، التى تعتمد على استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وتحافظ على البيئة، كان من أهم مكتسبات مؤتمر المناخ الدولى Cop27 الذى عقد بمدينة شرم الشيخ، و لم تقتصر محاولات الاستثمارات فى هذه الصناعة على القطاع الخاص، بل دخلت الحكومة بكل ثقلها فى هذا المجال، سواء من خلال الشراكة الحكومية مع دول الجوار العربية أو مع المستثمرين العرب والمصريين، وقدمت لهم كافة التسهيلات للحصول على إجراءات التراخيص والتشغيل فمنحتهم «الرخصة الذهبية» وكان من ثمار هذه المحاولات الحثيثة أن خرجت إلى الواقع أول سيارة كهربائية من إنتاج إحدى الشركات الوطنية وتستخدم حالياً فى أعمال نقل الأفراد داخل القاهرة الكبرى.

وتعمل الحكومة حاليا على التوسع فى تأسيس الشركات المتخصصة فى تدشين محطات الشحن لهذا النوع من السيارات صديقة البيئة بغرض توفير بنية أساسية لإنتاج هذه السيارة، وتقليل تكلفة البطاريات المستخدمة فى التشغيل لتخفيض أسعارها.

( تحقيقات الأهرام ) حرصت على تسليط الضوء على صناعات المستقبل .

 

 

بداية يؤكد المهندس علاء صلاح مسئول منح تراخيص إقامة وتشغيل المشروعات الصناعية بوزارة الصناعة أن هناك توجيهات بسرعة إصدار التراخيص، وتبسيط الإجراءات الخاصة بتدشين هذه المشروعات، وكذا إجراءات ترخيصها بما فيها المشروعات التى تحصل على الرخصة الذهبية، وهناك ٧ شروط لإقامة المشروع مع الالتزام بتوافر شرطين أساسيين عند الحصول على الترخيص، أولهما استخدام المشروع تكنولوجيا حديثة تعتمد على الطاقة النظيفة صديقة البيئة، وثانيهما زيادة تعميق المنتج المحلى المستخدم وتحويل رأس المال من قبل المستثمر خاصة الأجنبي إلى أحد البنوك الوطنية.

وصدرت بالفعل موافقات من مجلس الوزراء لعدد من المشروعات لتخرج إنتاجها إلى الواقع العملى، باستثناء شركة واحدة حصلت على الموافقات الأساسية بتحويل إحدى ماركات السيارات المعروفة التى يتم تجميعها فى مصر إلى سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية النظيفة، ويتم استخدامها فى الأغراض التجارية (نقل الأفراد) علاوة على شركات أخرى حصلت على تراخيص لإقامة مشروعات متخصصة فى تصنيع الشواحن الكهربائية، وتدشين محطات شحن بطاريات السيارات التى تحرص الحكومة على التوسع فى إنشائها، بالإضافة إلى أن إحدى الشركات التى استوردت السيارة الكهربائية من الخارج، وتعمل بالفعل داخل السوق المصرية تم إلزامها بتجميع وتصنيع هذه السيارة بمكونات محلية فى المرحلة الثانية للتشغيل، واتفقت الحكومة مع الشركة المستوردة على أن تكون المرحلة القادمة التقدم بأوراق ومستندات تأسيس مصنع للإنتاج المحلى وفق المواصفات المتفق عليها ، مشيراً إلى أن القطاع مهمته الأساسية إصدار التراخيص اللازمة للتصنيع.

وأضاف  المهندس علاء صلاح أن 4 من المستثمرين الوطنيين والأجانب تقدموا بمذكرات تفاهم وبروتوكولات لمعرفة إجراءات وشروط إقامة مثل هذه المصانع وإجراءات تشغيلها، وقد تعاونت وزارة الصناعة معهم وقدمت لهم كافة الشروط والمواصفات المطلوبة.

الهيدروجين الأخضر

واضاف ان هناك توجها للاستفادة من الهيدروجين الأخضر، مشيرا إلى أن معظم الدول الآسيوية اتجهت إلى استخدام الهيدروجين الأخضر فى السيارات الكهربائية ذات الموديلات الحديثة المتطورة، خاصة فى سيارات النقل العام، لأن الليثيوم المستخدم فى بطاريات السيارات الكهربائية غالى الثمن، وذلك يرجع إلى أن  الاحتياطي منه ضئيل فى الطبيعة مما يرفع سعره لأنه يستخرج من سباخات المياه الراكدة، أو من الصخور الموجودة فى أمريكا اللاتينية والكونغو ،مما يجعل السيارة مرتفعة السعر.

 

شراكة عربية

حول مجهودات الدولة لدخول هذا المجال من خلال الشراكة الدولية مع دول الجوار العربية، يقول اللواء مختار عبد اللطيف رئيس الهيئة العربية للتصنيع : صدرت تكليفات من القيادة السياسية بتعزيز الشراكة مع الأشقاء فى الدول العربية، على رأسها الإمارات العربية والبحرين والأردن من خلال إقامة مشروع عربى ضخم لاستغلال القدرات التصنيعية والموارد المتاحة فى كل دولة بما يحقق الخطة الإستراتيجية للتنمية فى مصر والدول الأربع، وبما يساعد على توطين هذه الصناعة، وزيادة القيمة المُضافة المستخدمة فيها بما يساعد على تنفيذ طموحات الخطة التوسعية لزيادة حجم الصادرات من هذه السيارات، ولهذا تم الاتفاق بين المسئولين فى الدول المشاركة على أن يتم الإسراع بمحاولات تصنيع هذه السيارة للاشتراك بهذا الإنجاز فى مؤتمر المناخ ٢٨ (Cop28) المقرر انعقاده فى الإمارات العربية نوفمبر القادم على أن تستكمل عمليات التصنيع لسد احتياجات الدول المشتركة فى المشروع من السيارات صديقة البيئة، واجتمع بالفعل أعضاء اللجنة العليا للشراكة بالقاهرة مع اللواء مهندس أسامة عبد العليم رئيس الشركة العربية الأمريكية للسيارات التابعة للهيئة العربية للتصنيع، وطرحت خلال اجتماعاتها الإمكانات المتاحة فى كل دولة للتصنيع، واتفق المشاركون على خطوات التنفيذ الفورية لإنتاج السيارة.

صناعة محلية معدلة

على أرض الواقع شهدت الأسواق المصرية باكورة إنتاج أول سيارة مصرية معدلة كانت تسير بالطاقة العادية (البنزين) فتم تحويلها لتعمل بالطاقة الكهربائية، وهى لأحد رجال الأعمال المصريين المهاجرين إلى ألمانيا د . عمرو حلمى رئيس الشركة المصنعة والذي قال إنه تمكن من إجراء هذا التعديل بعد تغيير الموتور والفتيس وخزان الوقود والشكمان واستبدال موتور كهربائى وبطارية كهربائية بها، وحصل على التراخيص اللازمة للتشغيل من وزارة الصناعة وطرحها فى الأسواق بسعر منافس، وتحظى بإقبال عليها من قبل الشركات لاستخدامها فى عمليات نقل الأفراد وحرص على توفير الشواحن الكهربائية لها وكذا توافر ورش الصيانة التى تقوم بعمليات التحويل للسيارات وعمليات الصيانة التى تحتاجها.

٥٠٠ سيارة فى المرحلة الأولى

تمكنت إحدى الشركات من الحصول على الرخصة الذهبية لتصنيع سيارة كهربية وأوشكت على تصنيع السيارة بأيد مصرية، كما يقول د . محمد الغمرى رئيس الشركة المصنعة وعميد البحوث التطبيقية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، إنه حصل على الرخصة الذهبية من مجلس الوزراء لتصنيع السيارة خلال ستة أشهر من تاريخ الحصول على الموافقة، وبالفعل يتم تشييد المصنع بالعاشر من رمضان وتحددت طاقة المصنع الإنتاجية خلال المرحلة الأولى للتشغيل التي اقترب موعد تنفيذها بـ٥٠٠ عربية، ووضعت خطة لزيادة الإنتاج إلى ٥ آلاف سيارة خلال العام الواحد، والسيارة المستهدفة من النوع الملاكى وسرعتها لا تزيد على ٦٠ كيلو مترا في الساعة لاستخدامها داخل المدينة وسعة موتورها ٨ كيلو وات وهى سعة متوسطة ويمكن زيادتها الى ٥٠ كيلو وات وهى من تصميم مجموعة من المهندسين المصريين وسعرها يصل إلى ١٠٠ ألف جنيه لتكون فى متناول الغالبية العظمى، وقد روعى أن تكون نسبة المكون المصنع من السيارة إنتاجا مصريا بنسبة ٤٠% فى المرحلة الأولى التى تبدأ عملية التصنيع فيها بعد  أسابيع تزداد هذه النسبة تدريجياً إلى ٦٠% ثم ٩٠% خلال عامين من الإنتاج، ويتم توجيه الإنتاج للسوق المحلية ثم التصدير بعد عام من الإنتاج.

البطارية .. العقل المفكر للسيارة

الملاحظ الآن أن مصانع الشواحن تشهد فى ذات الوقت عمليات منافسة بين المصنعين للسيارات والشواحن الكهربائية المستخدمة فى تشغيلها، كما يؤكد صموئيل جيد يونان رئيس إحدى الشركات المصنعة لبطاريات السيارات الكهربية، واصفا البطارية بأنها هى أهم جزء فى العربة الكهربية، وأن عمرها الافتراضي يتراوح بين ٨ و١٥ عاما وكل بطارية لها طاقة ويخزن الكهرباء فيها لمسافة تتراوح بين ٧٠و١٠٠ كيلو متر، بل إن كل سيارة لها مصدرها من الطاقة فمنها ما يولد الطاقة من الشمس من خلال الخلايا الشمسية أو من الرياح لذا فإن تصنيع العربة الكهربائية يحتم أن تكون هناك شراكة بين مصنعي السيارات والبطارية التى تعد العقل المفكر فى السيارة، ولذا فإن سعرها يمثل ثلث السعر الكلى للسيارة الكهربائية.

ويضيف أن أسعار هذه السيارات بدأت تنخفض وتنافس السيارات العادية ويقبل على اقتنائها الشباب لأنهم يدركون أهميتها فهى آمنة وتوفر فى التكلفة وتتمتع بمميزات أعلى وأعمال الصيانة لها متوافرة والأعطال لها قليلة، وهو ما شجع الشركات الاستثمارية لدخول مجال تصنيع شواحن هذه السيارات حتى إن عدد الشركات التى حصلت على تراخيص بإنتاج هذه الشواحن بلغ ٣ شركات والمتوقع مضاعفتها خلال السنوات القادمة.

اتجاه عالمى

ويؤكد اللواء مهندس محمد إسماعيل المحص مستشار وزير الانتاج الحربى لتصنيع السيارات ورئيس الشركة المصرية الأمريكية بالهيئة العربية للتصنيع السابق أن التحول للسيارات الكهربية اتجاه عالمى لما للوقود الأحفورى المستخدم فى تسيير السيارات الحالية من تأثير سلبى كبير على البيئة والمتغيرات المناخية التى تشهدها معظم الدول خاصة الصناعية.

واشار إلى أن مصر تواكب هذه الاتجاهات خاصة بعدما أعلن الاتحاد الأوروبى أنه بحلول ٢٠٣٥ سيتم تصنيع ٥٠% من السيارات المنتجة لتعمل بالكهرباء نتيجة التوقعات بنضوب مصادر الوقود الأحفورى خلال الاعوام الثلاثين القادمة، لكن الطاقة الكهربائية المستخدمة لتسيير السيارات الكهربائية لا تنضب لأنها مصادر وموارد أساسية للحياة تتجدد فى الطبيعة، ومنها المياه والشمس والرياح التي لا تنضب لوجود أعداد كبيرة من مصادرها لذا يطلق عليها بمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة التى تعتمد عليها السيارات الكهربية الحديثة.

ويضيف أن أسعار الشواحن حاليا مرتفعة للغاية لكن مع التوسع فى المصانع المنتجة ستنخفض أسعارها مما يفرض علينا أن نضع خططا للتخلص من الشواحن التى تضر بالبيئة حال انتهاء عمرها الافتراضي، سواء بإعادة تدويرها أو التخلص الآمن منها لكن فى كل الأحوال فإن السيارات الكهربائية موفرة وصيانتها سهلة .

 غياب الدعاية والمنافسة

أما على صعيد المنافسة بين مصانع السيارات الكهربائية وتجميع السيارات العادية التى تعمل بالوقود الأحفورى فيرى خالد سعد رئيس رابطة مصانع تجميع السيارات أنها لن تكون موجودة الآن رغم أن تكلفة تسيير السيارة الكهربائية ستكون منخفضة نتيجة انخفاض تكلفة الكهرباء التى تستعملها السيارات الحديثة مقارنة بنفقات وأسعار الطاقة العادية (البنزين أو السولار أو الغاز) وكذا توفير نفقات الصيانة التى يتكفل بها صاحب السيارة العادية كل ٥ آلاف أو ١٠ آلاف كيلومتر .

ويرجع عدم قدرتها على المنافسة فى سوق السيارات حاليا  إلى ندرة محطات شحن البطاريات المستخدمة فى السيارة الكهربائية ومراكز صيانتها، علاوة على غياب وسائل الدعاية والتعريف بكيفية التعامل واستخدام مثل هذه السيارات، مشيرا إلى أن بعض السيارات الكهربائية حد السرعة الأقصى لها لا يزيد علي ٦٠ إلى ٨٠ كيلومترا فى الساعة ويعتقد البعض أن هذه السرعة لا تصلح إلا للمناطق السكنية المغلقة مثل الكومبوندات والقرى السياحية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى