هل تنجح استحواذات تويتر الأخيرة في تحويله من منصة للنخبة إلى موقع شعبي؟

لم يسبق لأحد قبل 22 مارس/آذار، أن باع خمس كلمات مقابل 2.9 مليون دولار! لكن جاك دورسي – مؤسس تويتر فعلها بعد أن قام Sina Estavi، وهو الرئيس التنفيذي لشركة blockchain Bridge Oracle، بشرائها عبر مزاد NFT للأصول الرقمية الفريدة.
الآن، هل يكفي هذا المثل للدلالة على حجم المنصة الضخم على صعيد العالم اليوم؟
كلّما كانت رسائلك قصيرة كلما جاءت بتفاعل أكبر.. هكذا يُختصر الدخول إلى عالم تويتر – مبتكر ميزة “الهاشتاغ Hashtag”، التي بقيت حتى اليوم، أكبر نجاحات الموقع منذ انطلاقه في 2006، على الرغم من ميله إلى عقد استحواذات ضمّ من خلالها منصات عدّة مثل برايكر – Breaker، و Chroma Labs – التي تقف وراء خاصية “Stories” الموجودة لدى إنستغرام وفيسبوك وسنابشات.
وفيما يعتبر البعض تويتر منصّة “الأخبار الآنية”، حيث يتفاعل المستخدمون مع القضايا التي تستحوذ على اهتمام الرأي العام. فهو من دون شك مكمن اهتمام المشاهير والنافذين والمؤثرين، على الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويوصف بأنّه “منصّة النخبة”.
من يتفاعل معك؟
يعتبر تويتر سلاح ذو حدّين، لأنك في حال نشرت تغريدة غريبة، أو هجومية، أو عنصرية، عليك أن تتوقّع ردود أفعال هجوميّة، فيما “في حال وزعت المنشور نفسه على فيسبوك لن يتفاعل معك إلاّ من سبق أن حددت وجودهم أصلا” كما يقول المستشار والخبير الرقمي، طالب كبّارة.
ومما لا شك فيه أن “التخمة في المنشورات والأخبار” أثّرت على مستخدمي مواقع التواصل، لكن تويتر تمكّن من خلال الخوارزميات – Algorithm، التي تعمل على مساعدتك لإيجاد أكثر المواضيع التي تهمك أن يحافظ على تفوّقه على سائر المنصات بحسب كبارة، وذلك من خلال دقته الزمنية والتسلسل في عرضه للمحتوى على الصفحات الرئيسية للمستخدمين. وهذا ما جعل من “العصفور الأزرق” أيضًا منبرًا رسميًا يستحوذ على اهتمام الإعلاميين، والمؤثرين عامةً.
الاستحواذات.. من تايدل إلى برايكر.. ما هدف تويتر؟
رأى الخبير والمستشار التقني، طالب كبارة، في حديث لفوربس الشرق الأوسط، أن “الاستحواذات لن توصل تويتر إلى مكان كبير.. والدليل أن لا شيء فاعل اليوم على تويتر سوى الهاشتاغ”، مضيفا أن “الموقع الشهير فشل إن كان في Spaces أو في Periscope، وغيرها حين حاول تقليد المنصات الأخرى”.
ويحاول مؤسس تويتر، جاك دورسي، إدخال ما يشبه “انستغرام ميوزيك – Insagram Music”، وقد سبق أن طرح خاصية Voice note قبل ذلك لكنها لم تحقّق النجاح المطلوب.
يضيف كبارة: “لنأخذ ساوند كلاود مثلا في أيام نجاحاته الأولى.. لقد شكل التطبيق صداقة وتوأمة مهمة مع تويتر، حيث كان بالامكان الاستماع من دون الخروج من المنصة، أو مشاركة مقاطع من كلاود على تويتر”. لكن هذه التوأمة فشلت بسبب اختفاء ساوند كلاود نسبيًا، أو بالأحرى “بروز تطبيقات موسيقية نجحت في الإطاحة به، وتصدر المشهد”.
ويواجه جاك دورسي مشاكل من ناحية حرية التعبير بحسب كبارة، بعد صعود موجة الإرهاب وخطاب الكراهية في العالم، حيث تم انتقاده على خلفية سماحه هو شخصيا لمن يشاء بالتعبير عن مواقفه، على الرغم من أنه منذ 3 سنوات خرج سائلا الناس “عما يريدونه من إصلاحات”، لكن ذلك لم يطبق فعليًا “وما حصل خلال الانتخابات الأميركية وحظر ترامب، هو أكبر دليل”.
لو كنت جاك دورسي..
قال كبارة: “لو كنت جاك دورسي، وشئت بيع تويتر لشخص ما، فسأبيعه لإيلون ماسك، مؤسس شركة تيسلا.. هذا رجل لم يمسك شيئا إلا وجعله ناجحا.. من البيتكوين إلى طموحه الفضائي، وصولا إلى “قدرته الهائلة على التلاعب بالأسعار وبالسوق العالمية، عبر تغريدة واحدة فقط”.
الخبير والمستشار التقني، طالب كبارة. (الصورة من المصدر)
لماذا فشلت Fleets؟
ظهرت خاصية فليتس، التي تشبه أسلوب الحالة – Story في انستغرام وفيسبوك وغيرهما، لكي يستعملها المستخدمون بنشر نصوص أو صور أو مقاطع فيديو تظهر في الجزء العلوي من التطبيق وتختفي بعد مرور 24 ساعة. وبحسب كبارة، فإن سبب فشلها يعود إلى أن تويتر بدأها حصرا على IOS، وبقيت مكتومة عن مستخدمي آندرويد حتى نوفمبر 2020، ما جعلها في الأصل منذ لحظة الإطلاق محصورة بعدد معين من المستخدمين.
ومن الأسباب الأخرى أيضا التي أدت إلى عدم رواج Fleets، عدم إمكانية نشرها خارج منصّة تويتر على تطبيقات أخرى (ما يتناقض مع مبدأ تويتر وساوند كلاود المذكور سابقا)، بالإضافة إلى أن تويتر “تأخر كثيرا لطرحها”.
تويتر سبايسز أم كلوب هاوس؟
لم يلقَ تويتر سبايسز رواجا مثل تطبيق Clubhouse ، على الرغم من كونه سباقًا في المجال، ويعود إلى نوفمبر 2018. لكن ما الذي جعل كلوب هاوس متقدما بأشواط على غريمه الجديد الذي سيصبح متاحا اعتبارا من أبريل/نيسان المقبل للجميع بمن فيهم مستخدمي آندرويد؟
يقول كبارة، إن “كلوب هاوس أعطى امتيازًا ذكيا للأفراد.. لقد منحهم بطريقة غير مباشرة سلطة على الآخرين، عبر حق الدعوات الخاصة – exclusive invitations”.. مضيفا أن “الخصوصية بالأحرى هي التي تم الترويج على أساسها، وأكسبت التطبيق هذا الزخم.. فبتنا نسأل: ما هو كلوب هاوس؟.. لم لا نجربه؟”.
وتابع أن “كوفيد-19 أيضا لاشك ساهم في التوجه إلى هذا النوع من المساحات الفكرية أو النقاشات، بعد أن بات العالم بأسره تحت ضوابط وقيود تحد من التجمع والاختلاط”.
تويتر.. منصّة موثوقة
أشار مدير قسم العلوم الاجتماعية في الجامعة اليسوعية، وأستاذ ومستشار في التواصل الرقمي، نصري مسرّه، في حديث لفوربس الشرق الأوسط، إلى أن تويتر “يخطط في الفترة المقبلة لسحب علامة Verification للمستخدمين غير الفاعلين، تمهيدا لعودة تفعيل هذه الخاصية خلال العام الجاري، بعد أن أوقفتها المنصة في 2018.
وفيما يخص العمل المكثف لتويتر لمواجهة المعلومات الخاطئة – Fake News، قال مسرّه، إن “المنصة أبلت بلاء جيدا في هذا الموضوع، خصوصا اذا قارنّاها مع منصات أخرى مثل فيسبوك وإنستغرام، وقد أثبتت ذلك بالفعل”.
أضاف: “إذا أردنا وضع سلّم للأخلاقيات، أو لاحترام الخصوصية، لاشك أن تويتر قد يأتي في المركز الأول، بينما فيسبوك مثلا لا شك بأنه سيأتي في المركز الأخير”.
كما يشكل تويتر “منصة موثوقة” لكثير من المستهلكين الذين يودون الحصول على مراجعات لسلعة معينة مثلا، إذ يجدون داخل المنصة آراء الأشخاص الذين “قاموا فعلا بتجربتها وعادوا بانتقاد مبني على الواقع”، ما يشير إلى “قوة الإقناع” من الناحية التسويقية للمنصة، بحسب مسرّه.
مدير قسم العلوم الاجتماعية في الجامعة اليسوعية، نصري مسرّه. (الصورة من المصدر)
تطوير قسم الإعلانات
تعمل تويتر حاليًا على تطوير قسم الإعلانات، بحسب نصري مسره، الذي أوضح أن إضافة ميزة “تبضّع الآن Shop now” قد يعطي المنصة دفعًا قويًا للمنافسة على هذا الصعيد.
وأشار إلى أنه “على الرغم من رفع تويتر لعدد الأحرف المسموح بها في تغريدة واحدة إلى 280، بقي المعدل العام للمستخدمين 33 حرفًا”، ما يدل على أن تويتر “منصة مباشرة ونوعية في مضمونها وهذا ما يتوافق مع أن النسبة الأكبر من الدراسات، أي نحو 90%، تعتمد على تويتر خلافا لكل التطبيقات الأخرى”، للحصول على معلومات وبيانات موثوقة ودقيقة يمكن اعتمادها “كونها تؤخذ من حساب الشخص المقصود مباشرة”.
لاشكّ إذًا أن منصة التغريدات المختصرة التي ظهرت في 2006، تسعى جاهدة للوصول إلى عدد أكبر من المستخدمين، بعد فشلها في هذه الناحية بمجاراة فيسبوك الذي تمكن من زيادة مستخدميه إلى نحو 2.84 مليار . إلا أنه لا يبدو بحسب الخبيرين، أنها ستغيّر طابعها الأساسي، أو تصبح “منصة شعبية”.