اخبار

كيف تساعد أتمتة الاقتصاد السعودي في تعزيز النمو وتنفيذ رؤية 2030؟

تتبنى السعودية خططا ضخمة لدفع التحول الرقمي وتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط ضمن رؤية 2030، ولكن انتشار كوفيد-19 الذي أدى إلى اضطراب الأنشطة الاقتصادية وألقى الضوء أيضا على أهمية تعزيز الاستثمارات في مجال الأتمتة والتقنيات الرقمية مثل الذكاء الصناعي، وإنترنت الأشياء والسحابة الإلكترونية.

وأوصت دراسة حديثة لشركة “إرنست ويونغ” بتسريع خطط التحول الرقمي إلى جانب رقمنة البنية التحتية ودعم برامج المهارات الرقمية، وهو ما يمكن أن يضاعف قيمة الاقتصاد إلى 1.6 تريليون دولار بحلول 2030، مؤكدة أن التطوير المستند إلى التكنولوجيا يمكن أن يساعد في دفع نمو قطاعات الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية والترفيه والسياحة.

واعتبر تقرير آخر صادر عن مؤسسة McKinsey & Company أن 41% من أنشطة العمل في السعودية تعتبر قابلة للأتمتة، مؤكدا أن تبني تقنيات الذكاء الصناعي والأتمتة في المملكة يساعد في تحسين الإنتاجية وزيادة مستويات الكفاءة والجودة مع خفض تكاليف القوى العاملة.

لكن تقرير ماكنزي الصادر بعنوان “مستقبل الوظائف في المملكة العربية السعودية” طالب المواطنين السعوديين بالتركيز على تطوير المهارات المواكبة لظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة، وتجنب التأثير على معدلات التوظيف.

وأتمتة الاقتصاد هو مصطلح حديث نسبيا ويعني الاعتماد على التشغيل الآلي في مختلف نواحي الأنشطة الاقتصادية وتعزيز الاعتماد على التكنولوجيا مع تقليل التدخل البشري.

مزايا ضخمة للاقتصاد

سيؤدي تبني السعودية لتقنيات الأتمتة الذكية إلى مضاعفة قيمة الاقتصاد السعودي إلى 1.6 تريليون دولار، بحسب دراسة “إرنست ويونغ”، مؤكدة أن المملكة تتمتع بفرصة لدفع الإنتاج من خلال تسريع نشر الأتمتة الذكية، وهي التقنيات التي تدمج بين الأتمتة الروبوتية للعمليات وتقنيات الذكاء الاصطناعي وتعزز الجهود نحو التحول الرقمي.

حددت الدراسة التي صدرت مؤخرا بعنوان “السعودية تظهر في الطريق إلى العالم” 3 سياريوهات أساسية لتأثير تبني السعودية خطط الأتمتة على اقتصاد البلاد، السيناريو الأول هو زيادة تبني تقنيات الأتمتة الذكية بنسبة 50% لدى المؤسسات على مستوى المملكة، مما يضيف 293 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي.

وبينما يشمل السيناريو المعتدل تعزيز تبني تقنيات الأتمتة الذكية بنسبة 30%، مما يضيف 184 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي بينما يتوقع السيناريو المتحفظ زيادة تبني تقنيات الأتمتة الذكية بنسبة 15%، وهو ما يضيف 103 مليارات دولار إلى الناتج.

يجب على الحكومة السعودية التركيز على تسريع التحول الرقمي سواء في المؤسسات العامة أو الخاصة، من خلال اعتماد أنظمة رقمية شاملة وتقديم خدمات سريعة عبر السحابة الإلكترونية، وتطوير المهارات المحلية إلى جانب خلق بيئة عمل قوية للشركات الناشئة لدفع الابتكار تنفيذ أهداف رؤية 2030، بحسب الدراسة.

وتستهدف السعودية أتمتة العملیات المتعلقة بتخطيط وتنفيذ ومتابعة مبادرات البرامج التي تسعى رؤية المملكة 2030 لتنفيذها، كما تولي الحكومة السعودية أهمية كبرى لتطوير البنية التحتية الرقمية لبناء أنشطة صناعية متطورة، ولجذب المستثمرين، ولتحسين تنافسية الاقتصاد، بحسب الموقع الرسمي لرؤية المملكة 2030.

وتسعى السعودية لتطوير البنية التحتية الخاصة بـالاتصالات وتقنية المعلومات وبخاصة تقنيات النطاق العريض عالي السرعة لزيادة نسبة التغطية في المدن وخارجها لتتجاوز 90% من المنازل في المدن ذات الكثافة السكانية العالية و66% في المناطق الأخرى وتحسين جودة الاتصال.

القطاعات الأكثر استفادة

مصدر الصورة: Krunja/ SHUTTERSTOCK

تعتبر الخدمات الحكومية والقطاع العام والبنوك والتأمين والطاقة من القطاعات الأساسية التي من شأنها أن تساهم بأكبر قدر ممكن من النمو إذا ما سرعت السعودية خططها نحو الذكاء الصناعي.

يمكن الاستعانة بالذكاء الصناعي في إدارة إنتاج النفط والتنبؤ والمراقبة وإدارة المخزون في قطاع الطاقة، وفيما يتعلق بقطاع البنوك والتأمين يمكن استخدام التقنيات الحديثة في تحديث قائمة العملاء وبيانات وتتبع الأنشطة وكشف الاحتيال، كما يمكن الاستفادة من الذكاء الصناعي في التدريس التفاعلي وإدارة بيانات دافعي الضرائب وتتبع الدفع.

وتراجع الناتج المحلي الإجمالي في السعودية بنسبة 4.1% في عام 2020 ليسجل 2.5 تريليون ريال (675 مليار دولار) بالأسعار الثابتة، وهو ما يرجع بشكل أساسي إلى انخفاض النمو في قطاع النفط بمقدار 6.7% وتراجع نمو القطاع غير النفطي 2.3% إلى جانب تراجع القطاع الخاص 3.1% والقطاع الحكومي 0.5%.

ومثلت أنشطة الزيت الخام والغاز الطبيعي وتكرير الزيت مجتمعة 1.016 تريليون ريال ( 270.92 مليار دولار) أي نحو 40% من إجمالي الناتج، حيث بلغت قيمة نشاط تكرير الزيت الخام 79.093 مليار ريال ( 21.09 مليار دولار) بينما سجلت قيمة نشاط الزيت الخام والغاز الطبيعي 937.605 مليار ريال (250.01 مليار دولار).

وشكل بند أنشطة الاتصالات والنقل والتخزين 153.775 مليار ريال (41 مليار دولار) أي 6.1% من إجمالي الناتج المحلي بحلول نهاية العام الماضي.

كان الاقتصاد السعودي قد نما 0.3% في عام 2019، وفيما انتعش القطاع غير النفطي وسجل نموا بـ3.3% كان القطاع النفطي قد سجل انكماشا بـ3.6%، قبل انتشارجائحة كوفيد-19، وكان عام 2018 قد شهد زيادة الناتج المحلي 2.4% وارتفع نمو القطاع النفطي 3.1% فيما زاد نمو القطاع غير النفطي 2.2%، بحسب الهيئة العامة للإحصاء.

واجهت السعودية تراجعا كبيرا في نموها الاقتصادي في أواخر عامي 2014 و2015 بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط مما دفع البلاد إلى تنفيذ خططها الرامية إلى تنويع الاقتصاد، وإعلان رؤية المملكة 2030.

الأتمتة وسوق العمل

مصدر الصورة: Phonlamai Photo / SHUTTERSTOCK

لا يقتصر تأثير الأتمتة على المهن المنخفضة المهارة فقط، ولكنه يشمل مجموعة واسعة من أنشطة العمل وتزيد الإمكانية الفنية للأتمتة عن 50% في القطاعات التي تتضمن العديد من المهام الروتينية، مثل التصنيع، بحسب تقرير ماكنزي.

سيكون هناك بعض المهارات التي ستقل أهميتها والتي تستخدم في الوظائف التي تعتمد على مهارات جسدية ويدوية منها تشغيل المعدات العامة والملاحة والتفتيش والرقابة، وفي المقابل ستزداد أهمية الوظائف التي تعتمد على مهارات إدراكية أعلى مثل تحليل المعلومات وتفسيرها والمهارات التقنية التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والمهارات الرقمية.

وبينما تسعى السعودية إلى تقليص معدل البطالة إلى 7% بحلول 2030، ارتفع معدل البطالة بين المواطنين السعوديين – ذكورا وإناثا- إلى 12.6% في نهاية الربع الأخير من العام الماضي، مقابل 12% في نهاية نفس الربع من عام 2019، بسبب التأثير السلبي لتبعات كوفيد-19 على أنشطة الأعمال في السعودية.

يلي ذلك رغم تحسن معدل البطالة في مقارنة على أساس ربعي حيث سجلت البطالة 14.9% في الربع الثالث من عام 2020، حيث عكست إحصاءات سوق العمل عن الربع الرابع تحسناً ملحوظاً في مؤشرات القوى العاملة لسوق العمل بشكل عام، مع ارتفاع معدل المشاركة الاقتصادية للسعوديين وغير السعوديين شاملةً الذكور والإناث.

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان السعودية عن مشروعات اقتصادية ضخمة ستعمل على دعم سوق العمل خلال السنوات المقبلة منها تدشين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز برنامج “شريك” لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المخصص للشركات المحلية، بهدف تطوير الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتسريع تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في زيادة مرونة الاقتصاد ودعم النمو.

سيتم إنفاق 27 تريليون ريال، (7 تريليونات دولار)، خلال العشر السنوات المقبلة منها بند الإنفاق الحكومي بقيمة 10 تريليونات ريال (2.67 تريليون دولار)، إلى جانب الإنفاق الاستهلاكي الخاص المتوقع أن يصل إلى خمسة تريليونات ريال (1.33 تريليون دولار)، وهو ما سيعزز فرص العمل.

مبادرات هامة

مصدر الصورة: Blue Planet Studio / SHUTTERSTOCK

استثمرت السعودية 15 مليار دولار على مدار الأعوام الماضية في البنية التحتية الرقمية، بحسب الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) في تقرير صدر خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، تحت عنوان “السعودية..تتبع رحلة أحد منظمي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى الجيل الخامس”.

أكد الاتحاد أن الحكومة السعودية تضع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كأولوية ضمن خططها التي تستهدف التنويع الاقتصادي المستدام كجزء من رؤية 2030.

شهدا العامان الماضيان تطوراً نوعياً على مستوى الصلاحيات لمنظم القطاع في المملكة، بحسب التقرير، وهو ما يدل على قدرة السعودية على مواكبة المتغيرات المتسارعة في القطاع عالمياً، رغم مواجهة عدد من التحديات على مستوى البيئة التنظيمية.

غير أن السعودية واجهت التحديات بتنفيذ سلسلة من المبادرات النوعية، ومنها تشجيع الاستثمار وتطوير البنية التحتية مع ضمان الوصول إلى خدمات عالية الجودة، حيث بلغت سرعة تنزيل النطاق العريض للأجهزة المحمولة 77.55 ميغابايت في الثانية في أغسطس/آب 2020، وزادت تغطية الهاتف المحمول إلى 99% من السكان للجيل الثالث و 94% للجيل الرابع.

تعاونت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بسرعة وفعالية مع مشغلي الاتصالات لتلبية الزيادة في الطلب على الوصول إلى البيانات عبر الإنترنت مع زيادة السرعة وسعة البيانات خاصة بعد انتشار كوفيد-19.

لعبت هذه الاستجابة السريعة دورًا مهمًا في تمكين العمل عن بُعد واستمرارية الأعمال وتطبيقات التوصيل وخدمات الحكومة الإلكترونية والتعلم عن بُعد في السعودية، كما تم الاعتماد على تقنيات الذكاء الصناعي في تنظيم الحج والعمرة.

وقفزت السعودية في مؤشر الأمم المتحدة “لتطور الحكومة الإلكترونية ” 9 مراكز إلى المركز 43 على مستوى العالم لتكون ضمن التصنيف الأعلى لمؤشر تطور الحكومة الإلكترونية، الذي يشمل 139 دولة والصادر يوليو/تموز الماضي.

صعدت السعودية 40 مركزاً في المؤشر الفرعي في “البنية الرقمية التحتية” لتحل في المرتبة 27 على مستوى العالم، وفي المرتبة الثامنة على مستوى دول مجموعة العشرين، أما في المؤشر الفرعي “رأس المال البشري” فقد تقدمت المملكة 15 مركزاً إلى المرتبة 35 عالمياً، والعاشرة ضمن دول مجموعة العشرين.

جاءت مدينة الرياض في المرتبة العاشرة عالمياً فيما يتعلق بمؤشر التقنية الفرعي والمركز الــ 31 عالمياً في التنافسية بين المدن.

الوسوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى