بماذا تفيد بيانات الشركات التي تتعقب السيارات شرطة الهجرة والحدود الأميركية؟
تدرك الشرطة بمجرد معرفة أن السيارة تحمل على متنها نظام OnStar من جنرال موتورز ، أن بإمكانهم الحصول من أكبر شركة لتصنيع السيارات في أميركا على معلومات موقع السيارة من نظام الأمن والسلامة المتصل بالإنترنت. كما يمكنهم فعل الأمر نفسه مع أي شركة كانت تقوم بتخزين ما يسمى بمعلومات “الاتصالات عن بُعد”، والتي لا تقتصر على أماكن تواجد مركبة ما، بل تضم أيضًا بيانات أكثر تحديدًا، مثل مدى سرعة تحرك السيارة أو المدة التي كانت معطلة خلالها.
تتضمن استخدامات تلك السلطة، التي لم يسبق الكشف عنها من قبل، مطالبة مسؤولي هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP) وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) خلال الأشهر الـ 18 الماضية، ببيانات الموقع من ثلاث شركات تتعقب بشكل جماعي تحركات عشرات الملايين من المركبات كل يوم: شركة GM OnStar وشركة Geotab وشركة Spireon. تؤكد تلك الوقائع امتلاك وكالات الهجرة لأداة قيمة أخرى تساعدهم في تحديد أماكن الأفراد المجهولين المطلوبين بشكل أو بأخر، بالإضافة إلى تسليط الضوء على كيفية قيام أنظمة السيارات بجمع معلومات الموقع واستخدامات السيارات باستمرار من السيارة، وهي البيانات التي يمكنها توفيرها للحكومة عند تقديمها لطلب ملزم قانونًا.
أشارت مذكرة تفتيش في فبراير / شباط، اطلعت عليها فوربس، أن أحد عملاء هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية كان يبحث عن مهرب يحاول تجنب نقطة تفتيش دورية حدودية في منطقة سونويتا بولاية أريزونا. حيث بدأ في تتبع سيارة من نوع شيفروليه إكوينوكس، والتي كانت تتحرك بشكل غير منتظم، وعندما انحرفت لتجنب الاصطدام مع السيارات التي تسير في مواجهتها، برزت ثلاثة رؤوس من مقاعد الركاب الخلفية، مما يشير إلى أن هناك أشخاص كانوا يختبئون في الخلف. عندئذ قرر الضابط إيقاف السيارة الشيفروليه للتفتيش. ولكن عندما ترجل الضابط من سيارة الدورية واقترب، انطلقت السيارة وبدأت المطاردة. والتي انتهت عندما قفز ركاب السيارة منها وهي لا تزال تتحرك، ليسقط الشخص الأول في منتصف الطريق متوجعًا، والثاني يرقد في شبه وعي مع جرح في الرأس. وخرج الثالث من الغابة على جانب الطريق دون أن يصاب بأذى. وزعم الركاب الثلاثة فيما بعد أنهم مهاجرون من المكسيك وأن السائق أجبرهم على الخروج من السيارة.
كانوا يدركون أن سيارات شيفروليه تأتي مجهزة بنظام OnStar، مما مكن هيئة الجمارك وحماية الحدود، التي تعمل بشكل وثيق مع قسم تحقيقات الأمن الداخلي (HSI) في وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، من طلب معلومات موقع السيارة. وفرت شركة OnStar في البداية “بيانات موقع السيارة لمرة واحدة”، ولكن عند الوصول للموقع لم تكن السيارة موجودة في الإحداثيات المحددة. ولكن بعد يوم، حددت وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك موقع السيارة بفضل معلومات جديدة عن موقع السيارة كشفتها شركة OnStar، وكانت السبب في تحديد مكان المشتبه به الرئيسي. (لم يتم توجيه الاتهام إلى أي شخص في هذه القضية ولم ترد وزارة العدل على طلب للتعليق في وقت النشر).
قالت شركة جنرال موتورز إنها لا تستطيع التعليق على التحقيق الجاري في ولاية أريزونا، لكنها أشارت إلى أنها “تتلقى مذكرات وأوامر من المحكمة من وقت لآخر تطلب بيانات عن سيارة ما”.
كان استخدام الشرطة لبيانات موقع السيارة المقدمة من شركة OnStar معروفًا لبعض الوقت، حتى لو لم يتم الكشف عن استخدام وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) له من قبل.لقد تم استخدامه في تحقيقات سرقة السيارات، ليس بهدف تحديد موقع السيارة المسروقة وحسب، ولكن أيضًا لإغلاقها. كما كشفت فوربس خلال تحقيق حول “رسم الخرائط” أجرته في عام 2017، عن قضية طلب فيها من شركة Sirius XM، مزود البث الإذاعي والإعلامي داخل السيارة البالغ قيمتها 25 مليار دولار وشريك شركة جنرال موتورز، “تنشيط ومراقبة القمر الصناعي Sirius XM Satellite Radio باعتباره جهاز تتبع” المثبت على أحد المركبات لمدة عشرة أيام.
بيانات معلومات التتبع
لم يتم الإعلان من قبل عن إصدار الشرطة ومسؤولي الهجرة أوامر تطلب من شركات تتبع السيارات عن بُعد مثل Geotab وSpiereon، توفير البيانات التي بحوزتهم، حيث تمتلك تلك الشركات قواعد بيانات واسعة عن استخدام السيارات العالمية الحديثة. وتعد تلك الشركتان متنافستان، وتقدمان خدمات تساعد الشركات في مراقبة أساطيل مركباتهم.
توفر شركة Geotab الكندية أدوات لإدارة الأساطيل التجارية، والتي يتم توصيلها عادةً بمخرج المركبة، وتزعم الشركة أنها تعالج “أكثر من 40 مليار سجل يوميًا من ملايين المركبات المتصلة، مما يجعلها صاحبة أغنى مجموعة بيانات للتتبع عن بُعد في العالم تتكون من بيانات المحرك ونظام التموضع العالمي (GPS) وبيانات مقياس التسارع وأكثر من ذلك”. كما تم تعزيز تلك المجموعة الضخمة من البيانات عبر عدد من الشراكات الأخيرة مع شركتي جنرال موتورز وفورد، بالإضافة إلى أسطول المركبات الخاص بوزارة الأمن الداخلي الأميركية، وفقًا لسجلات التعاقد الحكومية.
طلب من شركة Geotab في أوائل عام 2020، المساعدة في توفير معلومات عن تاريخ موقع شاحنة شحن تم القبض عليها وهي تحمل أكثر من 13 ألف رطل من الماريجوانا. (دفع المدعى عليه فرانسيسكو تشافيز كاستيلو بأنه غير مذنب ومن المقرر أن تبدأ المحاكمة أمام هيئة محلفين في مايو / أيار). واكتشف مسؤول قسم تحقيقات الأمن الداخلي في وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك أن الشاحنة تحتوي على جهاز شركة Geotab، فطلبوا منها تقديم بيانات الموقع على مدار ثلاثة أشهر.
كما تشير المذكرة القانونية المرسلة إلى شركة Geotab إلى أن الحكومة قد تواصلت سابقًا مع هذه الشركات لتقديم بيانات حية عن الموقع لعدد من المركبات خلال فترات زمنية معينة. ويشير سطر تم شطبه بواسطة العميل المشرف على التحقيق، إلى أنه لم يُطلب من شركة Geotab أداء الخدمة، حيث قالت الحكومة في المذكرة أنها ربما أرادت تتبع الشاحنة “من خلال بدء إشارة لتحديد موقع السيارة المستهدفة في مثل هذه الفواصل الزمنية وأوقات بتوجيه من الحكومة”. وليس من الواضح سبب كتابة هذا السطر في المذكرة ثم شطبه، على الرغم من أن الشرطة غالبًا ما تنسخ وتلصق نصوص مسبقة الكتابة من أوامر سابقة لتوفير الوقت.
كما تم استدعاء شركة Spireon، التي تعمل من نوكسفيل بولاية تينيسي، لتقديم بيانات الموقع لفترة ثلاثة أشهر من أبريل / نيسان إلى يوليو / تموز 2020 لسيارات فولكس فاغن CC، التي كان بها أحد أجهزة تتبع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) للشركة، والتي أحتوت على شحنة من الميثامفيتامين والهيروين. وطلب عميل قسم تحقيقات الأمن الداخلي في وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، بعد أن تأكد من أن شركة Spireon خزنت معلومات الموقع التاريخية، من الشركة ليس فقط تحديد الموقع الجغرافي ولكن جميع “تشخيصات تعقب المركبات لتشمل على سبيل المثال لا الحصر السرعة ووقت التوقف”، بالإضافة إلى أي معلومات عن صاحب الحساب. (دفع المتهم في تلك القضية، إدغار نافارو شافيز، بأنه غير مذنب وينتظر المحاكمة أمام هيئة محلفين في مايو / أيار).
قال مدير التحقيقات في مؤسسة Electronic Frontier Foundation، ديف ماس، إن ما توضحه المذكرات هو أن شركات التعقب عن بُعد من أي نوع يجب أن تكون مستعدة لتسليم بيانات المستخدم في حالة طلب الحكومة ذلك.
أضاف ماس: “يضع المصنعون أثناء بناء هذه السيارات تصور حول البيانات التي سيتم استخدامها، وإلى أي مدى سيكون من المهم جمعها كلها. لكن مما نراه بعد جميع تلك الوعود المتعلقة بإمكانات هذه التقنية، فإنها تخلق أيضًا التهديد. وهذا التهديد هو أن مسؤولي إنفاذ القانون أو مسؤولي الهجرة يمكنهم تقديم مذكرة تفتيش للوصول إلى تلك البيانات”.
قال ماس إنه من الإيجابي رؤية مذكرات توقيف تحدد أسباب طلب مثل هذه البيانات، إلا أن الناشط في مجال الحقوق الرقمية والباحث في صناعة المراقبة، ولفي كريستل، يقول أنه من المقلق رؤية الشرطة تستولي على البيانات لجرائم أقل.
أضاف كريستل: “تجمع أعداد متزايدة من الأجهزة بيانات شاملة عن سلوكياتنا، وغالبًا لأغراض تحسين حياتنا اليومية، إلا أننا نحتاج للتأكد من أن وكالات إنفاذ القانون لا ترى توفر البيانات في حد ذاته مبرر لمحاولة الوصول إليها وفق ما تراه مناسبًا. يعد وصول وكالات إنفاذ القانون إلى بيانات الموقع التفصيلية والتي تم جمعها لأغراض مثل الملاحة أو خدمات الطوارئ، سلوك تطفلي ينتهك الخصوصية. يجب أن تتأكد متطلبات إصدار مذكرات الاستدعاء من أن هذه البيانات لا يمكن استخدامها إلا للتعامل مع الجرائم الأكثر خطورة”.
من يطلع على بيانات موقع سيارتك؟
نشرت مجلة Vice في وقت سابق من هذا الشهر، عن شركة مراقبة تقدم خدمة تتبع مواقع السيارات، تسجل ما يصل إلى 15 مليار نقطة بيانات موقع عالمية كل شهر. وتقول الشركة أنها قالت إنها لم تبيع أي من بيانات الخدمة بعد إلى الحكومات، إلا أن هناك الكثير من الأسئلة حول كيفية حصولها على هذه المعلومات لا تزال مطروحة.
صرح متحدث باسم شركة Spireon صراحة أنه لن يبيع معلومات موقع المستخدم، وأخبر فوربس أن الشركة “تطلب دائمًا تقديم مذكرة قضائية أو أمر محكمة قبل تسليم بيانات الموقع إلى الشرطة أو أي وكالة حكومية أخرى”. وتقول شركة Geotab إنها تعتقد أن عملائها يمتلكون بياناتهم، لذا فهم يتمتعون بحقوق على تلك البيانات، وأضاف المتحدث باسم الشركة أنه يتعامل مع هذه المعلومات على أنها “سرية”، على الرغم من أنها ستوفر معلومات إلى سلطات إنفاذ القانون في حالة تقديم أمر قضائي صالح أو مذكرة استدعاء. ومع ذلك، تشير سياسة الخصوصية الخاصة بالشركة الكندية إلى أن لها الحق في مشاركة المعلومات الشخصية مع الآخرين إذا وافق العميل على ذلك.
وتشير شركة OnStar، التابعة لشركة جنرال موتورز، في سياستها للخصوصية، أنها تشارك بيانات المستخدم مع جميع الشركات التابعة لشركة جنرال موتورز، وكذلك مع شركاء الأعمال والمعاهد البحثية وتجار السيارات وشركات التأجير وأطراف أخرى لخاصة بأنشطة التسويق بعد الحصول على “الموافقات الضرورية” وفقًا لسياستها الخاصة. وتقول الشركة إنه تخفي هوية المستخدمين، وأنه في هذه الحالة “قد نستخدم معلومات مجهولة المصدر أو نشاركها مع أطراف خارجية لأغراض تجارية مشروعة”. وقال متحدث باسم شركة جنرال موتورز إن المستخدمين يجب أن يوافقوا على بيان الخصوصية الخاص بها قبل استخدام خدمات شركة OnStar، مضيفًا: “نحن نأخذ خصوصية العملاء على محمل الجد، ونلتزم بحماية المعلومات الشخصية. وكما هو مذكور في بيان الخصوصية الخاص بنا، نجمع معلومات السيارة لغرض تقديم ميزات أمن وأمان مهمة يختار عملاؤنا تلقيها، ولتعزيز السلامة العامة وجودة المنتج والجوانب الأخرى لتجربة العميل”.
تطرح مشاركة شركة بحجم جنرال موتورز لمعلومات مستخدمي السيارات مع أطراف خارجية غير محددة، السؤال التالي: هل يعرف المستخدمون ما هي المعلومات الخاصة التي يقدمونها عند شراء سيارة جديدة والتوقيع على جميع نماذج الموافقة المذكورة؟ وكما لا يوفر مصنعي السيارات تقارير شفافية حول عدد ونوع الطلبات التي يتلقونها من الحكومة، يوجد عدم وضوح بالنسبة لبيانات العميل العادي.